مقدمة العساس | في حين ينظر لـ “حزب الله” كتنظيم ولاعب سياسي غير حكومي مؤثر في الساحة الإقليمية خاصة بسبب تدخله في الحرب بسوريا إلى جانب نظام الأسد والقوات الإيرانية، تنظر إحدى القراءات التي أصدرها الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً ضمن مجلة “التحديث الاستراتيجي 2017” لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، للأمر بشكل مختلف. إذ تعتبر أن مقومات الجيش الرسمي تنطبق على التنظيم وتزيد من قوته.

من ناحية أخرى يقول التقرير أن تدخل”حزب الله” بالحرب في سوريا استنزف قوات مقاتليه باعتبار أن هذا التدخل هو ابتعاد عن العدو الأساسي المفترض، أي “إسرائيل”. يذكر أن هذا التقرير يحيّد إلى حد كبير جانب الاستنزاف المتعلق بالخسائر التي يتعرض لها التنظيم في سوريا.

ترجمة العساس | كُتِب كثيراً عن “حزب الله” بسبب العمليات التي ينفذها أو بسبب توجهاته السياسية، إلا أن هذا المقال يحاول التطرق إلى “حزب الله” كقوة عسكريّة.  نجح “حزب الله” في المحافظة على سريّة الجانب العسكري لديه؛ لذلك فإن المعلومات المنشورة عن هذا الجانب قليلة جداً، وعلى الرغم من قلة المعلومات المعلنة، إلا أنه يمكننا القول بأن “حزب الله” هو من أفضل الجيوش في الشرق الأوسط.

مقدمة

على الرغم من صعوبة تعريف “حزب الله” بمصطلح واحد، إلا أنه يمكن اعتباره حزب سياسي ومنظمة عسكرية يرتكز عمله في لبنان ويمتد إلى جميع أنحاء العالم، كما يقدم خدمات اجتماعيّة، تربويّة وصحيًة. إن “حزب الله” يشكل جيشاً منظّماً ومحكمُ التدريب ومزوّد بعتاد جيّد جداً. فقد تعلّم هذا الجيش من حروبه مع “إسرائيل” ومشاركته في الحرب السورية في السنوات الأخيرة. سنوات القتال هذه زودته بالعتاد والخبرة التي لم يمتلكها في الماضي، ما جعله مصدر التهديد الأكبر على “إسرائيل”.

بعد خروج “الجيش الاسرائيلي” من جنوب لبنان في أيّار من العام 2000 بدأ “حزب الله” في التحضير الجدّي لدخول إسرائيل مجددا أراضي لبنان. إلا أن الحرب في صيف 2006 فاجأت “حزب الله”، فقد كان توقيتها سيئا بالنسبة له ولداعميه في طهران. على الرغم من ذلك، أثبت “حزب الله” قدرة قتالية عالية خلال الـ 34 يوماً من القتال. لمس التنظيم انتصاره بهذه الحرب، ولكنه لم يلمس الأضرار التي سببتها، إذ أنها كشفت عن قدرته القتالية وعتاده والاستراتيجيات التي اتبعها في القتال، إضافة إلى تقليصها مخزونه من الأسلحة. كما تضرّر من قرار مجلس الأمن الذي قلّص من نشاطه في جنوب لبنان.

“حزب الله” في سوريا

شكّلت الحرب الاهليّة في سوريا مشكلة جدية ومربكة لـ “حزب الله”؛ فسوريا بالنسبة له هي حلقة وصل بينه وبين إيران، وذلك لضمان استمرار وصول السلاح له وخروج مقاتليه للتدريب في إيران. مما أدى لدعم “حزب الله” بشار الأسد ضد المعارضة.

هناك الكثير من الصعوبات التي واجهها “حزب الله” بسبب تدخله في سوريا، وعلى الرغم من هذه الصعوبات فقد شارك في الحرب ليكسب الطرف الإيراني: أولها، أن الهدف الأساسي لـ “حزب الله” هو مقاتلة إسرائيل، وأية حرب أخرى قد تضر بهذا الهدف. ثانيها، لا وجود لأية أفكار مشتركة بين “حزب الله” الإسلامي مع حزب البعث العلماني. ثالثها، يعرّف “حزب الله” نفسه كممثل للمسلمين عامة، وعلى الرغم من هذا فقد تورّط في حرب ضد المسلمين في سوريا.

“حزب الله”: مبنى وتنظيم

تجنيد وتدريب

في بداية نشاطه، عمل “حزب الله” على تجنيد متدينين يرغبون في القتال ضد “إسرائيل”. إلا أنه توجه، ومع ازدياد نشاطه، لفئات مجتمعية أخرى. كما تنازل التنظيم، مع ازدياد حاجته لمتطوعين للحرب في سوريا، عن بعض شروطه لضمّ المتطوعين في القتال؛ فتنازل مثلاً، عن شرطه الذي لا يقبل بمتطوعين أقل من عمر 18 حتى سمح بمشاركة المتطوعين بعمر 16.

أقسام

يتشكل مقاتلو “حزب الله” من فئتين: الأولى، فئة المقاتلين بوظيفة كاملة، أو ما يطلق عليهم بالجيش النظامي، والذين يقدر عددهم حوالي 20000 مقاتل، 5000 منهم تلقوا تدريباتهم في إيران. الثانية: فئة المقاتلين بوظيفة جزئية، أو ما يطلق عليهم بالجيش الاحتياطي، والذين من الصعب معرفة عددهم، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن عددهم يتراوح بين 15000 – 70000.

وحدات متخصصة

قذائف قصيرة المدى: تشكل هذه الوحدة القوة الأساسية لضرب “إسرائيل” ولدى “حزب الله” ما يقارب 100000 صاروخ قصير المدى.

قذائف طويلة المدى وصواريخ: يوجد العديد من الوحدات لتشغيل هذه القذائف، منها صواريخ ايرانية وسورية.

صواريخ مضادّة للدبابات: يكثر “حزب الله” من استعمالها، ليس فقط لضرب المركبات العسكريّة المدرعّة بل لضرب المباني أيضاً.

الدفاع الجوي: أرسل “حزب الله” مقاتليه إلى إيران لتلقي التدريبات بمجال الدفاع الجوي بعد حرب 2006، وذلك بعد ما شكلت هذه الوحدة، بالنسبة لـ”حزب الله”، ثغرة ونقطة ضعف في الحرب.

القوّة البحريّة: حصل “حزب الله” في عام 2006 على صواريخ مائية من إيران.

الجوّ: يوجد ل”حزب الله” طائرات بلا طيّار تُستعمل للتجسس والهجوم كطائرات “انتحارية”.

المدرّعات: عرض “حزب الله” في عرضه العسكري الأخير المدرعات التي يمتلكها.

الاستخبارات ومكافحة التجسس: تعمل هذه الوحدة على تجميع معلومات عن “إسرائيل”، وفي سوريا تعمل على جمع المعلومات عن “المتمردين”. كذلك تمنع عمليات جمع معلومات عن الحزب، سواء عن طريق طائرات بدون طيّار أو عن طريق التجسس على الشبكات او عن طريق تجنيد الجواسيس.

خدمات الفرد والرفاه: تساعد هذه الوحدة المقاتلين بالحصول على مسكن، وعمل، وتعليم لأولادهم، وبذلك فإن المقاتلين يدركون أنه في حال مقتلهم أن هناك من سيرعى عائلاتهم.

تلخيص

أثرت سنوات القتال في سوريا على “حزب الله” وجنوده؛ فمن جهة، ازداد عدد المقاتلين واكتسبوا خبرة قتالية، وحصل “حزب الله” على أسلحة لم يكن يمتلكها في السابق. ومن جهة أخرى، استنزفت الحرب قوى المقاتلين الذين وجدوا أنفسهم يقاتلون مسلمين مثلهم، وليس العدو الأساسي “إسرائيل”. الأمر الذي أثر سلباً بشكل خطير على صورة “حزب الله” في لبنان والعالم العربي.

ستعيد أية حرب مستقبليّة بين “إسرائيل” و”حزب الله”، التنظيم إلى أهدافه الأيديولوجية الأساسية. حرب كهذه ستعيد لمقاتليه الحماسة للقتال، وتعيد لـ “حزب الله” ما خسره من دعم العالم العربي له، الدعم الذي حصل عليه قبل الحرب السورية. وبهذا يكون “حزب الله” التهديد العسكري الأكبر على “إسرائيل”.

المصدر: معهد أبجاث الأمن القومي| تحديث استراتيجي 2017 ص: 59

http://www.inss.org.il/uploadImages/systemFiles/Adkan19-4HEB996742635.pdf