مقدمة العسّاس | يدعم الاحتلال الإسرائيلي توغله في سوق الشركات الناشئة في مجال السايبر عن طريق مؤسسة الجيش، إذ يوظف قانون التجنيد الإجباري لصالح تأهيل مئات الجنود لينضموا لسلاح السايبر خلال فترة الخدمة، ويلتحقوا فيما بعد للشركات الناشئة أو مشاريع السايبر الكبرى، ومن هنا لا يمكن الفصل بين المدني والعسكري في هذا القطاع.

ترجمة العساس | لطالما تميّزت التكنولوجيا الفائقة في “إسرائيل” بشركات حماية المعلومات الإلكترونيّة. ومع ازدياد تهديدات الهجمات الإلكترونية أصبح هذا المجال أكثر مركزيةً في عالم الشركات الناشئة المحليّة، وأسهم في خلق مجال صناعي مُبتكر. عرضت مجلّة فوربس الأمريكيّة أهم عشر شركات واعدة في السايبر الإسرائيلي، من الممكن أن يكونوا شركة “تشيك-بوينت” القادمة.

“حوّل العالم الإلكتروني “حماية المعلومات” إلى شيء مركزي في حياتنا. لم يعد الحديث فقط عن حماية معلومات، بل عن حماية واقعية، حماية خصوصيّات. هكذا جلبت الثورة الصناعيّة الرابعة معها، الرابط بين العالم الواقعيّ والعالم الإلكترونيّ”؛ بهذه الكلمات وصف نداف تسفرير، قائد وحدة 8200 سابقًا، ومؤسّس شريك ورئيس تنفيذيّ بمبادرة السايبر المعروفة باسم “الفريق الثامن” (Team8)، عوامل زيادة أهمية السايبر اليوم في مجال المبادرات في “إسرائيل” والعالم أجمع.

توجد العديد من الشركات الإسرائيليّة البارزة في هذا السوق. فوفق ما قال تسفرير، تحظى “إسرائيل” بمكانة مهمّة في عالم التكنولوجيا وحماية المعلومات، إذ لعبت دوراً أكبر من حجمها وتحركت فيه بشكل متسارع، وذلك نتيجة التعاون بين الجهات المختلفة فيها؛ مؤسسات التعليم العالي، قطاع الصناعة ومؤسسة الجيش”.

أضاف تسفرير؛ “تعود الأفضلية الثانية إلى مساحة “إسرائيل” الصغيرة والروابط المباشرة فيها”، كما تعدّ مدرسة السايبر التي يتمثل بها الجيش ذات أفضلية كبرى، إذ “يلتحق مئات وآلاف الشبان بسبب التجنيد الإجباري للوحدات التكنولوجيّة، في ظلّ عالم يعتبر فيه تخصص السايبر من أكثر المجالات نقصًا. في العقد الثالث من حياتهم يتخرج هؤلاء الشبان من الجيش، بمهارات وأدوات مميزة، تؤهلهم لخلق وابتكار جديد في هذا العالم. هكذا نجحنا باستغلال نقص اقتصادي ضخم، وهو التهديد الأمني على “إسرائيل”، وجنّدنا أفضل الإسرائيليين لمكان يستطيعون فيه خلق مسيرة مهنيّة مُنافسة ومدرسة في الابتكار”.

يُضاف إلى هذا أعمال ومشاريع مراكز التطوير للشركات الكبيرة والمهمّة في العالم داخل “إسرائيل”، مايكروسفت، IBM، جوجل وغيرها، بالإضافة إلى القدرة الإسرائيليّة على التفكير خارج الصندوق.

لا يقتصر التعليم والتأهيل فقط على الوحدات التكنولوجيّة التابعة للجيش الإسرائيلي، فبالإضافة إلى مراكز البحث الأكاديميّة الخمسة الفاعلة في “إسرائيل”، تُفتتح مؤخراً العديد من التخصصات المدرسية التي تؤهّل الجيل الشاب الذي يتنفس التكنولوجيا من بداية الطريق.

ليست كتلة واحدة

في عالم الشركات الناشئة، تعمل شركات في مجال السايبر أكثر من أي مكان آخر في العالم، وبحسب تقرير يصف صناعة السايبر الإسرائيليّة لعام 2015 تبعاً لرأس المال الاستثماري، تشغل صناعة السايبر الإسرائيليّة المكانة الثانية بعد الأمريكيّة. ربما تعد “تشيك-بوينت” أكثر الشركات شهرة في صناعة السايبر المحليّة، لكن، بحسب تقرير شركة الأبحاث (IVC)، يوجد أكثر من 430 شركة إسرائيليّة فعّالة في مجال صناعة السايبر المحليّة.

وعلى صعيد الاستثمار، جنّدت شركات السايبر المحليّة أكثر من 500 مليون دولار في عام 2015. ويتنوع المستثمرون في هذا المجال بين مؤسسات رؤوس أموال استثماريّة مثل “غليلوت كبيتال”، YL  كبيتال و-JVP، بالإضافة إلى مستثمرين من جهات حكوميّة، مثل مقرّ السايبر القومي الإسرائيلي، ووزارة الاقتصاد ومعهد التطوير.

ويبرز الفريق الثامن (Team8) أيضًا في مجال السايبر الإسرائيلي، فهو بادرة دعم ومشروع تسريع ورأس مال استثماري. إلى جانب ذلك يوجد عدّة مشاريع تسريع أخرى فعّالة في المجال مثل مشاريع المبادرة لخرّيجي وحدة 8200 (EISP 8200)، وفروع ناشئة لشركات عالميّة؛ وهنا يذكر أن الشركات العالمية تلعب دوراً أساسياً في المجال، حيث قامت شركة مايكروسوفت عام 2015 بشراء شركتيّ ( Adallom و-Secure Islands). كما أن شركات ناشئة أخرى تم الاستحواذ عليها عام 2015 من قبل الشركات إسرائيلية ضخمة مثل “تشيك بوينت” و “سايبر آريك”.

ولأنّ السوق الإسرائيلي صغير، توجّه معظم الشركات الناشئة المحليّة صناعتها إلى الخارج. وفقاً لمعطيات مكتب رئيس الحكومة، شكّل تصدير السايبر عام 2015 حوالي 5% من حجم السوق العالمي، أي ما يقارب الـ3.5 مليار دولار.

ورغم اعتيادنا الحديث عن السايبر كمجال منفرد ومُعّرف، إلا أنه في الحقيقة ليس كذلك. فعالم حماية السايبر عالم واسع جدًا، يحوي مجالات مصغّرة عديدة؛ يخلق كلٌّ منها اختلافات منوعة، فيتطرق قسم منها إلى الصناعة التي تخدم المجتمع، وقسم آخر للمشاريع تخدم الشركات.

أساليب حماية السايبر

واحدة من الأساليب المثيرة للاهتمام والمتبعة اليوم هي التضليل (Deception)، الذي يحيط خدمات النظام أو قاعدة “السحابة الإلكترونية” ببيئة إلكترونيّة مزيّفة، تضلّل المهاجمين وتمنعهم من الوصول إلى هدفهم الحقيقي. ومن أساليب العمل الأخرى هو عزل الهجمة (Isolation) أو منع اختراق التهديد (Prevention).

مجال آخر يشغل مكانة مركزيّة في عالم السايبر هو حماية السيارات “المُتصلة” (Connected Cars). إذ تتزايد أعداد السيارات ذات البرامج المحوسبة، الأمر الذي يستلزم، حال نزول هذه المركبات إلى الشوارع، حماية متزايدة لبرامجها. التزايد في الصناعة الأوتوماتيكية، والذي يحدث أيضًا في أنظمة الرقابة الصناعيّة وفي عناصر البنى التحتية المهمة، مثل الكهرباء والماء، لم يسهل فقط العمليات بل خلق وكالات جديدة للاختراق، التجميد وتسريب المعلومات. وتعمل شركات سايبر عديدة على حماية هذه البرامج منها شركات إندستريال (Industrial) وسكادا (SCADA).

من جانب آخر تعتبر الهواتف النقالة المحمية، التي وجدت في السابق، مجالاً آخذاً بالازدهار في عالم السايبر عام 2016، إذ يصعب اختراقها ويمكن إجراء محادثات مُشفّرة من خلالها. وهنا يذكر أن هناك طلب متزايد على هذا النوع من الهواتف، وعليه من المؤكد أننا سنرى الكثير من الشركات الناشئة في هذا المجال في السنوات القادمة في “إسرائيل”.

أساليب تفكير جديدة

” تلعب “إسرائيل” حالياً دوراً مهماً في المجال، لكن من الناحية الكميّة هناك طريق طويل ينتظرها”، يقول تسفرير. وفقاً لأقواله، كي تصبح “إسرائيل” سبّاقة في المجال، عليها القيام بعدّة أمور؛ أولًا: على الإسرائيليين ابتكار أساليب تفكير جديدة، لا خلق وصناعة الأفضل فقط. ثانيًا: التعلم كيف يتم استغلال أفضليّة الساحة المحليّة؛ “نحن مثلًا نمتاز بعالم التضليل، لكن علينا النظر أيضاً إلى ما بعد الشبكات التكنولوجية؛ المواصلات، الطاقة والصناعة”. وأخيرًا يوضح تسفرير أنّ على بعض الشركات التي ستقام في “إسرائيل” أن تكون قادرة على التوسّع والتحوّل لمجال الصناعة، لا لتكون مراكز تطوير فقط؛ شركات بإمكانها أن تكون “التشيك-بوينت” القادمة، وأن تخلق صناعة حقيقيّة.

عرضت مجلّة فوربس في مشروع مميز لها أسماء عشر شركات سايبر إسرائيليّة واعدة اليوم، تعمل كلٌّ منها في مجال مختلف في السايبر، وتنجح هذه الشركات في خلق اهتمام كبير حولها في العالم. ومن المتوقّع أن تتحول هذه الشركات مستقبلًا إلى شركات كبيرة تشكل قاعدة لصناعة السايبر في “إسرائيل”، ومحركاً مركزيّاً لثقافة التكنولوجيا الفائقة الإسرائيليّة.

هذه قائمة بأسماء أول عشر شركات إسرائيلية ناشئة في مجال السايبر، أقدمها أنشأت عام 2013، وحجم الاستثمار الأكبر فيها هو 30 مليون دولار.

http://www.forbes.co.il/rating/list.aspx?en6v0tVq=IE

المصدر : فوربس إسرائيل http://bit.ly/2i3ch4f