مقدمة العساس | يسرد رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” العبرية، ألوف بن، شهادات جنود إسرائيليين شاركوا في إحدى الحروب السابقة بإعدامات ميدانية أسرى عرب.قضية الإعدامات – التي تورط فيها ضباط يتقلدون مناصب رفيعة- بقيت طيّ الكتمان.  

ترجمة العساس | قتل جنود الجيش الإسرائيلي عشرات الأسرى في إحدى الحروب القديمة. وفي حين أصدر بحقّ الضابط المسؤول عن إصدار أمر القتل حكم سخيف ومثير للسخرية، تمّت ترقية قائد الكتيبة المسؤول عن هذا الضابط إذ تقلد منصباً رفيعاً جداً وبقيت القضية طيّ الكتمان.

كان هناك عشرات الأسرى من الجنود المقاتلين في صفوف الجيوش المقابلة، والذين استسلموا في نهاية المعركة وألقوا سلاحهم، كما كان بعضهم مصاباً بإصابات خطيرة. وبعد سيطر الجيش الإسرائيلي على المكان قام الجنود بتجميع الأسرى في ساحة داخلية محاطة بالأسوار.

لم يمض وقت طويل حتى بدّل الجيش المواقع، أي ان الكتيبة الآسرة استدعيت لمهمة أخرى، فاستبدلت بسريّة جديدة، الأمر الذي تسبب بارتباك وحيرة في صفوف السريّة الجديدة. إذ لم يعرق الضباط والقادة الجدد كيفية طريقة تتصرّف مع الجنود الأسرى، فقد رفضت السرية الجديدة وجودهم، كما لم تتوفر الوسائل والطرق اللوجستية لنقل الأسرى لمكان آخر.

وفي ذلك الحين قام الضابط المسؤول عن السرية، وقائد المنطقة، بإصدار أوامر بإعدام الجنود الأسرى. وحسبما أفادت المصادر والشهادات التي وصلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فقد تمّ تقسيم الأسرى لمجموعات مكوّنة من ثلاثة أفراد، ومن ثم أمروا أن يستديروا وتم إطلاق النار على ظهورهم حتى الموت. وبعد أن تمّ الإعدام الجماعي حفرت جرافات الجيش الإسرائيلي قبراً جماعياً ودفنت فيه جثث الجنود الأسرى.

وكانت قد حصلت صحيفة “هآرتس” على نموذجين من شهود عيان، أحدهم من جندي يدّعي أنه رفض تنفيذ مهمة إعدام الأسرى فهدّده القائد بتقديمه لمحاكمة عسكرية لرفضه المهمة الملقاة على عاتقه، ولكنه استمر في العصيان حتى تطوّع جندي آخر لتنفيذ مهمة الإعدام بالاشتراك مع ثلاثة جنود آخرين. وقد تطابقت شهادة الجنديّين الاثنين تقريباً، وما يؤكد صحّة الرواية هو أن المقابلات مع الشهود أجريت على انفراد ودون معرفة أي منهما أن مقابلة أخرى تجري مع زميله.

لكن إحدى الفروق التي وجدت بين الشهادتين هو الادعاء أن الجندي الذي “تطوّع” لتنفيذ أمر الإعدام كان قد رفض في البداية وأنه انصاع للأوامر بعد إصرار القائد. كما أضاف أحد الشهود أنهم بعد الإعدام استمروا بإطلاق النار عليهم من مسافة خمسة أمتار، للتأكد من موتهم.

وعلى خلفية الحدث، أجريت محاكمة عسكرية وقدّم الضابط لمحاكمة بتهمة ارتكاب جريمة القتل. وعليه، حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ولكن سراحه أطلق بعد سبعة شهور. إذ ادعى الضابط أنه تلقى الأوامر بتنفيذ الإعدام من قائده، الذي تمت ترقيته بعد أيام لمنصب رفيع جدّا.

تعتبر جريمة إعدام العشرات من الجنود الأسرى جريمة بشعة بل من أبشع الجرائم في تأريخ الجيش الإسرائيلي، التي تم التعتيم عليها. ويعتبر الخوض في تفاصيل هذه القضية بالغ الأهمية من أجل فهم تأريخ وأخلاقيات الجيش الإسرائيليّ واستخلاص النتائج والعبر.

المصدر : http://www.haaretz.co.il/news/politics/.premium-1.3069821