مقدمة العسّاس | يخوض أكثر من ألف أسير فلسطيني هذه الأيام إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ظروف الأسر التي تنتهك المواثيق الدولية التي وقعت عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي. يلقي هذا التقرير المترجم الضوء على جانب صغير من السجون الإسرائيلية التي تعدّ الأقسى، والتي تنتهك فيها الحقوق الأساسية للأسرى.

ترجمة العسّاس | سجن شطة: ضرب أسرى، حقوق منتهكة واكتظاظ لا يُحتمل

على الرغم من مرور خمسين عاماً على تمرد الأسرى الكبير، الذي تمكّن فيه 66 أسير من الهرب وقُتل فيه سجانان، يبقى شطة نموذجاً للسجن الصعب، إذ يضم 800 أسير جنائي وأمني، وسياجاً شائكة قديمة وبوابات من حديد باللون الازرق السماوي. في عام 2006 قدمت النيابة العامة شكوى حول انتهاك حاد لحقوق المواطن في السجن: ضرب المعتقلين، أسرى دون أسرّة يضطرون للنوم على الأرض، أسر سجناء أكثر مما تحتمله الزنزانة (3 متر مربع للاسير بدلًا من 4.5 متر مربع وفق شروط الأسر. يذكر أن القانون الأوروبي يأمر ب 9 متر مربع).

سجن “أيالون” (الرملة): أسرى بلا أسماء ولا أمر اعتقال

لسجن الرملة القديم مكانة محترمة وسط السجون في “إسرائيل”: تم شنق ادولف ايخمان في رحاب السجن، عمل هناك هرتزل ابيتان وشمعياه انجل، واهتم يجآل عمير بتأهيل إحدى خلايا العزل. لو استطاعت الحيطان أن تتكلم، لطلبت رؤية طبيب نفسي. على الرغم من الماضي “الفاخر” للسجن، رأينا في السنة الأخيرة احد الاخبار المثيرة جدًا حول جوانب السجن المظلمة: أسير مسجون في ايالون ولا نعرف من هو وعلى أية خلفية سُجن، معتقل بدون هوية.

في 13 حزيران 2010 نشر الصحفي رعنان بن تسور خبر في قسم الجنائيات من موقع “واي-نت” بعنوان “من انت مستر اكس؟ الأسير الذي لا يملك اسم وهوية”. وفق بن تسور، في قسم 15 من سجن ايالون ومنذ زمن طويل وجدنا رجلاً لا يعرف أحداً من هو ولماذا اعتقل. لا يحظى الأسير بالزيارات وهو معزول في خلية بُنيت خصيصًا ليجآل عمير (قبل أن ينتقل الى سجن ريمونيم). اقتباس لاحد اعضاء الشاباس (مصلحة السجون): “أنا لا أعرف أي أسير أو معتقل مسجون في ظروف عزل وانفراد قاسية كهذه”. بعد فترة قصيرة من نشر الخبر تم حذفها من الموقع، على ما يبدو بسبب إصدار أمر منع النشر.

يُشغّل مصنع السماعات في المنتدى “تيكون عولام” (تصحيح العالم) الأمريكي ريتشارد سيلفرستين، والذي ادعى أن “مستر اكس” هو علي رازا- عسجري، وزير الامن الايراني وجنرال الثورة الاسلامية السابق، والذي اختطف في اسطنبول عام 2007 وتم نقله إلى “إسرائيل”. على الرغم من أن عائلة عسجري تدعي أنه خُطف، هنالك تصريحات تقول بأنه ترك البلاد طوعًاً وهاجر إلى الغرب. في عام 2010، عرف سيلفرستين أن يقول بأن عسجري قد انتحر في خليته داخل سجن “ايالون”. في جميع الأحوال، حتى وإن لم يكن لأقواله أي أساس من الصحة، يبقى السؤال: من هو مستر اكس؟

سجن “هداريم” (تل موند): إهانات، اعتداءات ومحاولات بالانتحار

840 أسير في سجن هداريم في “الشارون”، من بينهم 240 أسير أمني: قيادات في حماس وفتح، وأسرى الذي اتهموا بتنفيذ عمليات ومن بينهم مروان البرغوثي. البقية هم أسرى جنائيين من العيار الثقيل، مجرمين ومن عائلات الإجرام، وهنالك المعتقلين لمدة 10 أعوام باعتقال إداري دون محاكمة أو تقديم لوائح اتهام. يُعتبر سجن هداريم محطة انتظار قبل المحكمة، عادًة لمدة تتراوح بين ستة أشهر لسنة ونصف. في هذه الحالة، يتحول العيش الصعب في هذا المكان إلى حزمة من الأعصاب التي يكتنفها الشك وعدم الوضوح قبل إصدار الحكم، وهذا يحدث في بيئة داعمة حميمية كتلك التي نحصل عليها فقط في السجون.

تسبب الضغط الكبير الذي تخلقه الظروف المعيشية للسجناء الجدد، بالإضافة إلى الانتظار المنهك لإصدار الحكم، إلى أكثر من 20 حالة انتحار خلال السنتين الأخيرتين. استطاع أفراد الشاباس (مصلحة السجون) أن يجدوا التبريرات للتهم الموجهة ضدهم في التقرير الذي قدمته نقابة المحامين في “إسرائيل” والذي نشر عام 2008. التقرير الذي كٌتب على يد “امنون زخروني” تطرّق إلى الأقسام الأمنية والجنائية وكشف أن السجّانون يهينون الأسرى، يفرضون عقوبات تعسفية ويحرضون الكلاب عليهم.

مركز الاحتجاز 1391: المكان الذي لا يعترف بوجوده أحد

في مكان ما في مركز البلاد، على بعد ساعة من تل أبيب، يوجد أحد أكثر السجون ظلمًة في “إسرائيل”، وأكثر الزوايا المظلمة في كل دولة قانون. مركز الاحتجاز 1391، الذي يقع تحت سيطر الجيش، لا يظهر على الخرائط وفي الصور الجوية، وجهاز الأمن لا يرغب أيضاً بالاعتراف بوجوده. زنازين المركز معروفة بالأساس للأسرى الأمنيين والأسرى اللبنانيين. الأشهر منهم هو مصطفى الديراني، الذي قضى 8 أعوام بين حيطان المعتقل، ووفق شهادته، التقى هناك محقق الشاباك “جورج” والذي يدعي أنه قام باغتصابه أثناء التحقيق.

يقع المركز داخل قلعة بناها الإنجليز في سنوات الثلاثين، وفيه خليتان بحجم 10 متر٢، 4 متر٢، وأبراج محصنة بحجم 1.5 متر مربع. الحيطان سوداء والخلايا مؤثثة فقط بالإسمنت. لا يوجد نافذة

ويوجد مصباح واحد مضاء لمدة 24 ساعة باليوم. لا يملك السجناء إمكانية معرفة نهاية النهار وبداية الليل، كما لا يملكون الكثير من المعرفة حول موقعهم الجغرافي. تحدث الأسرى السابقين عن تجاربهم حينما كانوا يسألون عن أماكن تواجدهم ويجيبهم السجانون “على القمر” أو “خارج إسرائيل”. ومع دخول الأسير إلى الزنزانة عليه أن يقف ويلبس كيساً أسود على رأسه ويرفع يديه إلى الأعلى. “لم أرَ السقف أبدًاً، كلما رفعت رأسي رأيت ظلمة فقط. الضوء الوحيد هو ضوء مصباح واحد بقوة شمعة والتي اقحمت إلى داخل الحيطان”. هذا ما قاله اسير سابق احتجز هناك.

انتشر عن وجود المركز في عام 2003 بعد أن طالبت عائلات أسؤى فلسطينيين عن طريق المحكمة العليا الحصول على معلومات حول أبنائهم المسجونين. وهنا يذكر أن نواب برلمان إسرائيليين طالبوا بزيارة المعتقل إلا أن طلبهم رفض من قبل المحكمة. وفق المعلومات التي حصلت عليها المحكمة، بين منتصف سنوات ال 90 لمنتصف سنوات الـ 2000، قضى في المركز 270 أسير. ومن هناك أخذوا مصطفى الديراني بطيارة وأعادوه إلى لبنان في صفقة الأسرى عام 2004. وبعد جلسة المحكمة التي عقدت بداية عام 2011 أعلنت الدولة أنه منذ عام 2006 لم يؤسر أحد في هذا المركز. وفي ذات المحكمة، رفضت الاستئناف الذي طالب بإغلاق المعتقل وصدر قرار يقضي باستمرار تشغيله، بعد أن تعهدت الدولة بألا تسجن فيه مواطني “إسرائيل” أو مواطني الضفة.

نافيه ترتسا: إدمان على المخدرات وفشل إعادة التأهيل

يضم هذا السجن ثلاثة أقسام، اثنان منهما مأهولان بمدمنات المخدرات. قسم كبير من السجينات أجبرن على التأهيل القسري، وتم أخذ المخدرات منهن بالقوة واستبدلوا بأدوية للاضطرابات النفسية. ويذكر أن السجن لا يفرز السجينات بحسب شدة التهمة المسجونة بسببها، إذ توضع المتهمات بتهم ثقيلة مع المتهمات بأخرى خفيفة.

المصدر: http://bit.ly/2oRUVf4